فصل: شمس الدين بن هبل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء **


 أبو الحسين صاعد بن هبة اللّه بن المؤمل

كان نصرانياً وأصله من الحظيرة ونزل إلى بغداد وكان اسمه أيضاً مارى وهو من أسماء الكنيسة عند النصارى فإنهم يسمون أولادهم عند الولادة بأسماء فإذا عمدوهم سموهم عند المعمودية باسم من أسماء الصالحين منهم وكان أبو الحسين هذا طبيباً فاضلاً وخدم بالدار العزيزة الناصرية الإمامية وتقرب قرباً كثيرة وكسب بخدمته وصحبته الأموال وكانت له الحرمة الوافرة والجاه العظيم وكان قد قرأ الأدب على أبي الحسن علي بن عبد الرحيم العصار وعلى أبي محمد عبد اللّه بن أحمد بن الخشاب النحوي وعلى شرف الكتاب بن حيا وغيرهم وله معرفة تامة بالمنطق والفلسفة وأنواع الحكمة وكان فيه كبر وحمق وتيه وعجرفة وينسب إلى ظلم مفرط ولم يزل على أمره ينسخ بخطه كتب الحكمة ويتصرف فيما هو بصدده من الطب وعلى حالته في القرب إلى أن مات في يوم العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ببغداد ودفن ببيعة النصارى بها ابن المارستانية هو أبو بكر عبيد اللّه بن أبي الفرج علي بن نصر بن حمزة عرف بابن المارستانية‏.‏

حدثني شمس الدين أبو عبد اللّه محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي الكاتب إن ابن المارستانية كان فاضلاً في صناعة الطب وأعمالها وسمع شيئاً من الحديث وكان عنده تميز وأدب وعمل خطباً قال وكان يعرضها على شيخنا أبي البقاء عبد اللّه بن الحسين العكبري وكان يستجيدها وتولى النظر بالبيمارستان العضدي ثم قبض عليه وحبس به سنتين ثم أفرج عنه وعمل تاريخاً لمدينة السلام سماه ديوان الإسلام الأعظم وكتب منه كثيراً ولم يتممه وندب من الديوان في صفر سنة تسع وتسعين وخمسمائة للرسالة إلى تفليس وخلع عليه خلعة سوداء وطيلسان وتوجه إلى هناك فأدى الرسالة وعاد إلى بغداد فتوفي قبل وصوله بموضع يعرف بجرخ بند في ليلة ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمسمائة فدفن هناك‏.‏

 ابن سدير

هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد اللّه من أهل المدائن يعرف بابن سدير - وسدير لقب لأبيه - وكان طبيباً عالماً بصناعة الطب والمداواة ويقول الشعر وكان في دماثة ودعابة وتوفي بالمدائن فجأة في العشر الأخير من رمضان سنة ستة وستمائة‏.‏

ومن شعر ابن سدير قال الحافظ أبو عبد اللّه محمد بن سعيد بن يحيى بن الدبيثي الواسطي في كتابه أنشدني ابن سدير لنفسه أيا منقذي من معشر زاد لؤمهم فأعيا دوائي واستكان له طبي إذا اعتل منهم واحد فهو صحتي وإن ظل حياً كدت أقضي به نحبي أداويهم إلا من اللؤم إنه ليعيي علاق الحاذق الفطن الطب هو أبو الحسن علي بن أحمد بن هبل البغدادي ويعرف أيضاً بالخلاطي كان أوحد وقته وعلامة زمانه في صناعة الطب وفي العلوم الحكمية متميزاً في صناعة الأدب وله شعر حسن وألفاظ بليغة وكان متقناً لحفظ القرآن ولد ببغداد في باب الأزج بدرب ثمل في ثالث وعشرين ذي القعدة من خمس عشرة وخمسمائة ونشأ ببغداد وقرأ الأدب والطب وسمع بها من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي ثم صار إلى الموصل واستوطنها إلى حين وفاته وحدثني عفيف الدين أبو الحسن علي بن عدنان النحوي الموصلي قال كان الشيخ مهذب الدين بن هبل من بغداد وأقام بالموصل ثم بخلاط عند شاه أرمن صاحب خلاط وبقي عنده مدة وحصل من جهته من المال العين مبلغاً عظيماً وقبل رحيله من خلاط بعث جملة ما له من المال العين إلى الموصل إلى مجاهد الدين قيماز الزيني وديعة عنده وكان ذلك نحو مائة وثلاثين ألف دينار ثم أقام ابن هبل بماردين عند بدر الدين لؤلؤ وعمِيَ مهذب الدين بن هبل بماء نزل في عينيه عن ضربة وكان عمره إذ ذاك خمساً وسبعين سنة ثم توجه إلى الموصل وحصلت له زمانة فلزم منزله بسكة أبي نجيح وكان يجلس على سرير ويقصده كل أحد من المشتغلين عليه بالطب وغيره‏.‏

أقول وكان أيضاً يسمع الحديث ومن ذلك حدثني الحكيم بدر الدين أبو العز يوسف بن أبي محمد بن المكي الدمشقي المعروف بابن السنجاري قال حدثنا مهذب الدين أبو الحسن علي بن أبي العباس أحمد بن هبل البغدادي المعروف بالخلاطي أخبرنا الشيخ الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن الأشعث السمرقندي أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكناني أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان ابن أبي نصر وأبو القاسم تمام محمد الرازي والقاضي محمد بن أحمد بن هرون الغساني المعروف بابن الجندي وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن علي بن أبي العقب وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عبيد اللّه بن يحيى القطان قالوا أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمر بن عبد اللّه بن صفوان البصري حدثنا علي بن عياش حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلىالله عليه وسلم الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة‏.‏

وكان شيخ مهذب الدين بن هبل في صناعة الطب أوحد الزمان وكان بن هبل في أول أمره قد اجتمع بعبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن الخشاب النحوي وقرأ عليه شيئاً من النحو وتردد أيضاً إلى النظامية وقرأ الفقه ثم اشتهر بعد ذلك بصناعة الطب وفاق بها أكثر أهل زمانه من الأطباء ودفن بظاهرها بباب الميدان بمقبرة المعافى بن عمران بالقرب من القرطبي أيا أثلات بالعراق ألفتها عليك سلام لا يزال يفوح لقد كنت جلداً ثاوياً بفنائها فقد عاد مكتوم الفؤاد يبوح فما أحسن الأيام في ظل أنسها قبيل طلوع الشمس حين تلوح وقد غرد القمري في غسق الدجى وراعى حمام في الأصول ينوح ذكرت ليال بالصراط وطيبها نطير لها شوقاً ونحن جموح وقال أيضاً أيا دوحة هام الفؤاد بذكرها عليك سلام اللّه يا دوحة الأنس رمتني النوى بالبعد منك وقربها وقد كنت جاراً لاصقاً لك بالأمس فيا ليت أني بعد بُعد أحبتي نقلت كريماً راضي النفس بالرمس وإلا فليت الدهر يمكن منهم بقبضي حبال الوصل بالأنمل الخمس إذا جال طرفي في العراق وجوه كأني نظرت الأفق من مطلع الشس تبدل تقليبي اليراع مع القنا بتقليب مطبوع بلفب بالفلس وقال أيضاً لقد سبتني غداة الخيف غانية قد حازت الحسن في دل بها وصبا قامت تميس كخوط البان غازلة مع الأصائل ريحي شمأل وصبا يكاد من دقةٍ خصر تدل به يشكو إلى ردفها من ثقله وصَبَا لو لم يكن أقحوان الثغر مبسمها ما هام قلبي بحبيها هوى وصبا ولمهذب الدين بن هبل من الكتب كتاب المختار في الطب وهو كتاب جليل يشتمل على علم وعمل كتاب الطب الجمالي صنفه لجمال الدين محمد الوزير المعروف بالجواد وكان تصنيفه للمختار سنة ستين وخمسمائة بالموصل‏.‏

 شمس الدين بن هبل

هو شمس الدين أبو العباس أحمد بن مهذب الدين أبي الحسن علي بن أحمد بن علي بن هبل مولده في يوم الجمعة العشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة انشقاق الصبح قبل طلوع الشمس وكان مشتغلاً بصناعة الطب متميزاً في الأدب وجيهاً في الدولة وسافر إلى بلاد الروم وأكرمه صاحب الروم الملك الغالب كيكاوس بن كيخسرو إكراماً كثيراً وبقي عنده وكان لشمس الدين بن هبل ولدان من أعيان الفضلاء وأكابرهم وهما في وقتنا هذا مقيمان بمدينة الموصل‏.‏

 كمال الدين بن يونس

هو كمال الدين أبو عمران موسى بن يونس بن محمد بن منعة علامة زمانه وأوحد أوانه وقدوة العلماء وسيد الحكماء قد أتقن الحكمة وتميز في سائر العلوم وكان عظيماً في العلوم الشرعية والفقه وكان مدرّساً في المدرسة بالموصل ويقرأ العلوم بأسرها من الفلسفة والطب والتعاليم وغير ذلك وله مصنفات في نهاية الجودة ولم يزل مقيماً بمدينة الموصل إلى أن توفي إلى رحمة اللّه‏.‏

حدثني القاضي نجم الدين عمر بن محمد بن الكريدي قال وكان ورد إلى الموصل كتاب الإرشاد للعميدي وهو يشتمل على قوة من خلاف علم الجدل وهو الذي يسمونه العجم جست أي الشطار فلما أحضر إلى الشيخ كمال الدين بن يونس نظر فيه وقال علم مليح ما قصر فيه مؤلفه وبقي عنده يومين حتى حرر جميع معانيه ثم إنه أقرأه الفقهاء وشرح لهم فيه أشياء ما ذكرها أحد سواه وقيل أن كمال الدين بن يونس كان يعرف علم السيمياء من ذلك حدثني أيضاً القاضي نجم الدين بن الكريدي قال حدثني القاضي جلال الدين البغدادي تلميذ كمال الدين بن يونس وكان الجلال مقيماً عند ابن يونس في المدرسة - قال كان قد ورد إلى الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل من عند الأنبرور ملك الفرنج - وكان متفنناً في العلوم - رسول الموصل إلى ابن يونس يعرفه بذلك ويقول له أن يتجمل في لبسه وزيه وجعل له مجلساً بأبهة لأجل الرسول وذلك لما يعرفه من ابن يونس أنه كان يلبس ثياباً رثة بلا تكلف وما عنده خبر من أحوال الدنيا فقال نعم حكى جلال الدين قال فكنت عنده وقد قيل له هذا رسول الفرنج قد أتى وقرب من المدرسة فبعث من الفقهاء من تلقاه فلما حضر عند الشيخ نظرنا فوجدنا الموضع فيه بسط من أحسن ما يكون من البسط الرومية الفاخرة وجماعة مماليك وقوف بين يديه وخدام وشارة حسنة ودخل الرسول وتلقاه الشيخ وكتب له الأجوبة عن تلك المسائل بأسرها ولما راح الرسول غاب عنا جميع ما كنا نراه فقلت للشيخ يا مولانا ما أعجب ما رأينا من ساعة من تلك الأبهة والحشمة فتبسم وقال يا بغدادي هو علم‏.‏

وقال جلال الدين وكان للشيخ كمال الدين عند بدر الدين لؤلؤ حاجة فركب عند الصبح ليلقاه فيها وكانت عادة بدر الدين أن يركب الخيل والبغال السريعة المشي فلما قدموا في السحر فرساً وركبه لم ينبعث في المشي فنزل عنه وركب غيره فلم يقدر على المشي خطوة فبقي متحيراً في أمره وإذا بالشيخ قد وصل إليه وقال له عن حاجته فقضاها له ثم قال ما كان الفرس امتنعت من المشي إلاحتى تقدم فقال يا مولانا هذا من همة المشايخ وعاد وسار بدر الدين لؤلؤ وتبعه العسكر‏.‏

حدثني نجم الدين حمزة بن عابد الصرخدي أن نجم الدين القمراوي وشرف الدين المتاني - وقمراومتان هما قريتان من قرى صرخد قال كانا قد اشتغلا بالعلوم الشرعية والحكمية وتميزا واشتهر فضلهما وكانا قد سافرا إلى البلاد في طلب العلم ولما جاءا إلى الموصل قصدا الشيخ كمال الدين بن يونس وهو في المدرسة يلقي الدرس فسلما وقعدا مع الفقهاء ولما جرت مسائل فقهية تكلما في ذلك وبحثا في الأصول وبان فضلهما على أكثر الجماعة فأكرمهما الشيخ وأدناهما ولما كان آخر النهار سألاه أن يريهما كتاباً له كان قد ألفه في الحكمة وفيه لغز فامتنع وقال هذا كتاب لم أجد أحداً يقدر على حله وأنا ضنين به فقالا له نحن قوم غرباء وقد قصدناك ليحصل لنا الفوز بنظرك والوقوف على هذا الكتاب ونحن بائتون عندك في المدرسة وما نريد نطالعه سوى هذه الليلة وبالغداة يأخذه مولانا وتلطفا له حتى أنعم لهما وأخرج الكتاب فقعدا في بيت من بيوت المدرسة ولم يناما أصلاً في تلك الليلة بل كل واحد منهما يملي على الآخر وهو يكتب حتى فرغا من كتابته وقابلاه ثم كررا النظر فيه مرات ولم يتبين لهما حله إلى آخر وقت وقد طلع النهار فظهر لهما حل شيء منه من آخره واتضح أولاً فأولا حتى انحل لهما اللغز وعرفاه فحملا الكتاب إلى الشيخ وهو في الدرس فجلسا وقالا يا مولانا ما طلبنا إلا كتابك الكبير الذي فيه اللغز الذي يعسر حله وأما هذا الكتاب فنحن نعرف معانيه من زمان واللغز الذي فيه علمه عندنا قديم وإن شئت أوردناه فقال قولا حتى أسمع فتقدم النجم القمراوي وتبعه الآخر وأوردا جميع معانيه من أول الكتاب إلى آخره وذكرا حل اللغز بعبارة حسنة فصيحة فعجب منهما وقال من أين تكونان قالا من الشام قال من أي موضع منه قالا من حوران فقال لا أشك أن أحدكما النجم القمراوي والآخر الشرف المتاني قالا نعم فقام لهما الشيخ وأضافهما عنده وأكرمهما غاية الإكرام واشتغلا عليه مدة ثم سافرا‏.‏

أقول وكان عمي رشيد الدين بن خليفة وهو في أول شبيبته قصد السفر إلى الموصل ليجتمع بالشيخ كمال الدين بن يونس ويشتغل عليه لما بلغه من علمه وفضله الذي لم يلحقه فيه أحد وتجهز للسفر فلما علمت بذلك والدته جدتي بكت وتضرعت إليه أن لا يفارقها وكان يأخذ بقلبها فلم يمكنه مخالفتها وأبطل الرواح إليه ولكمال الدين بن يونس أولاد بمدينة الموصل قد أتقنوا الفقه وسائر العلوم وهم من سادات المدرسين وأفاضل المصنفين ومن شعر كمال الدين بن يونس قال ما كنت ممن يطيع عذالي ولا جرى هجره على بالي وقال حتى ومتى لي وعدكم لي زور مطل واف ونائل منزور في قلبي حب حبكم مبذور زوروا فعسى يثمر وصلاً زوروا ولكمال الدين بن يونس من الكتب كتاب كشف المشكلات وإيضاح المعضلات في تفسير القرآن شرح كتاب التنبيه في الفقه مجلدان وكتاب مفردات ألفاظ القانون كتاب في الأصول كتاب عيون المنطق كتاب لغز في الحكمة كتاب الأسرار السلطانية في النجوم‏.‏